خاص/فاكت اليوم
من تابع ويتابع المشهد الدولي وما يحدث فيه من مشارق الأرض إلى مغاربها ومن شمالها إلى جنوبها تاريخياً وحديثاً من مكائد وحروب ودمار ومناوشات ومناورات ومظاهرات وتصعيد هنا وقتل هناك وينظر بتمحيص على تفاصيل هذه الأحداث في هذا المشهد ويقرأ أعماقه ويبحث في خلفياته ويغوص في حيثياته وتفاصيله يدرك أن اليد الصهيونية الإسرائيلية متورطة حتى الإبط في كل هذه المشاكل والنزاعات بل والمحرك الأساسي للكثير منها بغية تحقيق أهداف ترسمها في كل منطقة من هذا الكون.
لإسرائيل تاريخ أسود قبل نشأتها منذ نشأت الصهيونية في ابتكار الفتن وتصنيع القلاقل والتخطيط لدمار الآخر بغية تحقيق أهدافها ولها باع طويل في أعمال التحريض وزرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وتمويل عمليات القتل والاجرام وطبخ الدسائس ضد كل من لايسير بركابها أو يمكن أن يشكل خطراً عليها وعلى مشاريعها وخاصة من منظورها الوجودي والتوسعي.
تاريخياً كان لليهود دور قذر في تأجيج الفتن بين القبائل العربية وتعزيز خلافاتهم وتأجيج الحروب بينهم لإضعافهم ومنع وحدتهم لتزدهر تجارتهم (اليهود) من بيع السلاح للعرب في تلك الحقبة من سيوف ورماح وسهام وأقواس ودروع وغيرها ليربحوا هم في النهاية المعركة عسكرياً وبشرياً واقتصادياً وهم ضمن حصونهم ومدنهم دون أن يجردوا سيفاً أو يطلقوا سهماً واحداً والعرب في غفلة من أمرهم.
ولليهود دور كبير في إسقاط الدولة العثمانية التي أوتهم بعد أن لفظتهم أوروبا حيث عملوا طيلة وجودهم على بث الاضطرابات والقلاقل الدينية والسياسية وإثارة الفتن عبر تأسيس الجمعيات السرية مثل “تركيا الفتاة” و”جمعية الاتحاد والترقي” التي تمكّنت من الإطاحة بالسلطان عبد الحميد الثاني والسيطرة على مقاليد الحكم في البلاد كما أنهم أقنعوا السلطان محمد رشاد بالانضمام إلى دول المحور في الحرب العالمية الأولى بجانب كل من ألمانيا وإيطاليا وهو ما ترتب عليه خسارتها كامل أراضيها بل ومحاصرة اسطنبول فيما بعد كما لعبوا دوراً كبيراً في المذابح الأرمينية التي حدثت شرقي الأناضول وظل اليهود مستمرين بنهجهم هذا حتى سقطت الدولة على يد الضباط الأتراك القوميين الذين كان معظمهم يهوداً.
ولا ننسى دور اليهود في إشعال الحرب العالمية الأولى عبر تحريض انكلترا ضد ألمانيا من أجل السيطرة على مستعمراتها وإشعال الحرب العالمية الثانية عبر الدعاية ضد ألمانيا وهتلر تحت حجة معاداتهم لليهود مستغلين سيطرتهم وتحكمهم بإمبراطوريات الإعلام العالمي آنذاك.
تابعونا على فيسبوك
وليست “إسرائيل” حتى وقت قريب بعيدة عن تورطها فيما سوقت له وأدواتها ما أسموه بالربيع العربي في بعض الدول العربية فهي من ساهم في إسقاط ليبيا من أجل إقامة قاعدة عسكرية في جنوبها قرب الحدود الجزائرية وذلك بالاتفاق مع المدعو(عبد الحفيظ غوقة) أحد أكبر المتعاملين مع تجار الأسلحة اليهود وذلك بعد إسقاط الرئيس الليبي الراحل (معمر القذافي).
ودور “إسرائيل” في تقسيم السودان إلى شمالي و جنوبي لما للسودان من أهمية استراتيجية اقتصادياً و زراعياً على المستوى العربي وذلك عبر تغلغل اليهود والموساد في جنوب السودان وتشكيل شركات أمنية و تسليح المتمردين وإقامتها علاقات وثيقة مع شخصيات قيادية تتبوء مناصب عليا فيه أمثال الجنرال جوزيف لاقو وعبد الواحد محمد نور وغيرهم الكثير واستغلالها التوتر القبلي في جنوب السودان وخاصة بين قبيلتي الدنكا والنوير وتسخيره لخدمة مشاريعها.
إضافة لدور “إسرائيل” العلني في تشجيع و دعم إثيوبيا في إقامة سد النهضة على نهر النيل من أجل السيطرة والتحكم بمصدر المياه الوحيد لمصر للضغط عليها سياسياً واقتصادياً عبر الترهيب والتحكم بالمياه عن طريق إثيوبيا.
ولا ننسى دور “إسرائيل” في الحرب الأمريكية على العراق و في دعم الأكراد في تشكيل دولة كردية بين إيران وسورية والعراق وتركيا تسير في ركابها تزرع فيها القواعد العسكرية و تصبح مركزاً للاستخبارات والموساد والتجسس في هذا المثلث الحيوي وهذا ما شهدناه في المراكز التجسسية والاستخباراتية للموساد التي استهدفهتها إيران مؤخراً.
وما المظاهرات التي حدثت في الٱونة الأخيرة في إيران إلا نتاج خطط اليهود وصناعتهم ومن إعدادهم لأن إيران تجاوزت الخط الأحمر بنظرهم من حيث التقدم الكبير الذي أحرزته علمياً و عسكرياً واقتصادياً وثقلاً دولياً وهذا كله بالمحصلة يشكل خطراً استراتيجاً بالنسبة لإسرائيل و لأمريكا على حد سواء.
لذلك لجأ الموساد الإسرائيلي ومن مراكز تواجده في كردستان العراق إلى زرع الجواسيس والمخبرين وتهريب السلاح والمخدرات إلى البلدات والمدن الإيرانية من أجل إثارة الشغب والحرب فيها وإشغالها داخلياً واستنزافها اقتصادياً وعسكرياً وعلمياً وهو ما شهدناه من عمليات اغتيال للعلماء والضباط و رجال الأمن الإيرانيين وتحريض الشارع و تأليبه ضد الدولة وإشعال الفتن تحت مسميات الحرية والعدالة الاجتماعية وغيرها من مسميات واهية.
وما نشهده بين الفينة والأخرى من مناوشات بين أرمينيا وأذربيجان في الصراع على إقليم “قره باغ” حيث قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في أحد افتتاحياتها أن بصمات “إسرائيل” موجودة في جميع عمليات التطهير العرقية في ناغورني قره باغ وخاصة عبر الطائرات بدون طيار.
كذلك تلعب “إسرائيل” دوراً في الحرب بين أوكرانيا وروسيا حيث تقدم الدعم اللوجستي والعسكري لأوكرانيا من مدربين عسكريين وخبراء وذخائر ودروع وغيرها ولاننسى دور “إسرائيل” وتحركاتها ضمن أمريكا نفسها والتأثير على سياساتها واقتصادها عبر اللوبي الصهيوني.
تابعونا على تلغرام
أما في سورية حيث تدرك القيادة السورية حقيقة “إسرائيل” القذرة وتفهمها وتفهم تاريخها الأسود وأطماعها فكان لابد من عقابها وتدميرها عسكرياً وخنقها سياسياً واقتصادياً وتقسيمها وإزالتها من الوجود لتبقى يهودية “إسرائيل” المتحدة سيدة المنطقة بالقوة العسكرية والفتنة وبناء حلم صهيونيتها على حطام شعوب المنطقة وتسخير خيرات المنطقة ذاتها لصالحهم كونهم الأحق بها بنظرهم على اعتبار أنهم شعب الله المختار.
كل هذه الأحداث التي جرت وتجري حالياً في الشرق الأوسط بالمخالب الصهيونية تقودنا إلى استذكار قول أحد المفكرين اليهود حيث قال: “يعيش جنوب وشرق البحر المتوسط شعب غير جدير بالحياة يجب أن يدحر إلى الصحراء ليموت هناك”.
ولو استحضرنا ما يجري في قطاع غزة ومدنه وبلداته من إرهاب وقتل جماعي ومذابح يندى لها جبين الإنسانية وتهجير بقوة السلاح وبقوة التجويع تحت حماية أمريكية وغربية وتعامي عربي وإسلامي باستثناء دول محور المقاومة لوجدناه تطبيق حرفي وتنفيذ للمقولة الصهيونية السابقة التي قالها هذا المفكر الصهيوني وهو يدرك جيداً أن العرب لن يقرأوها كما لم يقرأوا كتاب “الدولة اليهودية” للصهيوني الٱخر تيودور هرتزل الذي رد بكل ثقة على سؤال أحدهم ألا تخافون من نشر الكتاب واسمه بقوله: “لا لأن جيراننا العرب لا يقرأون”.
فما أحوجنا اليوم لقراءة ما يجري جيداً على مستوى منطقتنا وعلى المستوى العالمي لطالما كانت منطقتنا ساحة لتصفية الحسابات بين العمالقة منذ بزوغ التاريخ.
لذلك ما شهدته الدول العربية من خريف عربي ماهو إلا بتحريض و تخطيط يهودي في عمق أمريكا و بريطانيا الذئب المراوغ بهدف إعادة الدول العربية التي بدأت تبصر النور لنقل حضارياً و اقتصادياً إلى الصفر بل إلى الجاهلية والقبلية وهذا ما رأيناه في ليبيا والسودان واليمن والعراق وبعض الأحيان في سورية ومصر.
ولكن مع صمود محور المقاومة الذي فاجأ “إسرائيل” وراعيتها أمريكا ومن ورائهما الثعلب المخادع بريطانيا يبقى الحلم الصهيوني متأرجحاً تاريخياً وحديثاً بل ويستمر بالوقوف على حافة الفشل في المنطقة وفي كل بقاع العالم لأن للشر (إسرائيل)جولة وللحق جولات.
لذا ابحث عن أي شرور ومشاكل وقلاقل وأي تحول في قيم وأخلاقيات المجتمعات ستجد أن “إسرائيل” الشيطان الأكبر والمحرك الخفي لشرور الأرض وكل ماسبق ماهو إلا غيض قليل من فيض كبير وماهو إلا قشور ظاهرة تخفي في أعماقها حقائق دامغة تثبت التاريخ الأسود لإسرائيل والصهيونية.
*سعد*