خاص-فاكت اليوم
وجهت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الثالث عشر من نيسان الجاري ضربة جوية بالصواريخ الباليستية والطيران المسيّر الانتحاري مستهدفة مواقع عسكرية استراتيجية إسرائيلية رداً على العدوان الإرهابي والغادر والجبان للكيان باستهدافه مبنى القنصلية الإيرانية في الأول من نيسان الجاري وأسفر عن استشهاد قادة ومستشارين إيرانيين.
ورغم التحذيرات الإيرانية بضرورة عدم تدخل أي دولة حتى أمريكا في التصدي للرد الإيراني أو الوقوف في وجهها، إلا أن المملكة الأردنية الهاشمية (الأردن) انفردت من بين جميع الدول العربية في المنطقة، وقامت باعتراض عدد من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية قرب الحدود السورية العراقية وفي غور الأردن بحجة واهية، هي حماية مجالها الجوي والحفاظ على أمن البلاد والمواطنين وكأن هدف المسيّرات والصواريخ الإيرانية هو الأردن وليس الكيان الصهيوني الإرهابي الغاصب.
وحول هذا السلوك الأردني الذي أثار ردود فعل غاضبة وأثار موجة انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي وبين المحللين.. كان لنا (فاكت اليوم) لقاء مع المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور حسن حسن ليطلعنا على دوافع وخبايا وغايات السلوك الأردني حيث قال الدكتور حسن حول أن اعتراض الأردن المسيّرات والصواريخ الإيرانية المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي هل هو قرار ذاتي أم تحت ضغط أمريكي إسرائيلي.؟
تابعونا على فيسبوك
إن المتابع للسياسة الأردنية يدرك بأنه منذ نشأة ما يسمى بـ “إمارة شرق الأردن” لم تكن على الإطلاق مستقلة لا في قرارها ولا في توجهاتها ولا في سلوكياتها، وبالتالي الأردن الحالي لم يكن في يوم من الأيام إلا تابع وتابع مطيع، وما يميز الأردن منذ أيام ذهاب الملك حسين إلى “تل ابيب” ليخبر “غولدا مائير” رئيسة حكومة العدو بين العام 1969 والعام 1974 بموعد بدء الأعمال القتالية في حرب تشرين عام 1973 ، كذلك كان اليوم موقف ابنه الملك “عبدالله الثاني” من خلال مشاركة الأردن في اعتراض المسيّرات والصواريخ الإيرانية، وبالتالي هذا هو الدور التقليدي التابع للكيان الإسرائيلي ولراعي نعمته بريطانيا سابقاً ولاحقاً الولايات المتحدة الأمريكية. والنقطة الثانية التي يجب الإشارة إليها، هو أنه في أكثر من مفصل أُعطي للأردن دورٌ أكبر من حجمه لكي يبقى في هذا الإطار، وهنا استذكر أن أول من تحدث عن ما وصفه بأنه خطر الهلال الشيعي هو الملك الحالي عبد الله الثاني بعد غزو العراق وبعد انتصار المقاومة اللبنانية-حزب الله- في جنوب لبنان وبدأ الحديث عن تهويل بما يسمى خطر الهلال الشيعي الذي يحيط بالكيان الصهيوني وفق القراءة البسيطة.
لذلك مشاركة الأردن في اعتراض المسيّرات والصواريخ الإيرانية، هي جزء من هذه السياسة التابعة المنقادة التي لا تملك شيء لا من مقومات السيادة ولا من مقومات الوطنية الخاصة، بل تدور في الفلك الصهيوأمريكي، وبقدر ما يكون هذا الدوران يحظى برضى المايسترو في تل أبيب و واشنطن بقدر ما يعطي اطمئناناً للنظام الحالي الحاكم في الأردن وللأسف هذا هو الواقع.
أما عن لماذا الأردن الدولة العربية الوحيدة التي اعترضت هذه المسيّرات والصواريخ وفتحت مجالها الجوي أمام العدو ماهي مصلحتها؟
تابعونا على تلغرام
أجاب الدكتور حسن: بكل تأكيد لا مصلحة للأردن، وإنما هناك مصلحة لنظام الملك الأردني للحفاظ على عرشه، المظاهرات التي عمّت أرجاء الأردن المظاهرات التي ضمت في الحد الأدنى مئات الآلاف الذين تصدت لهم الشرطة الأردنية ومنعتهم بكل حزم حتى من إيصال صوتهم المتعاطف مع غزة.
ليتصور أي شخص ماذا لو كان على الحدود مع فلسطين المحتلة دولة تتبنى نهج المقاومة، أين كان الكيان الصهيوني وهل كان يمكن الحديث عن مثل هذا الحصار والتجويع وحرب الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد أهلنا في غزة بخاصه وفي فلسطين عامة.. “بالتأكيد لا”.
الموضوع الآخر الدول العربية الأخرى لماذا لم تشترك في التصدي للصواريخ والمسيّرات الإيرانية فلا شك بأن توقيع الاتفاق السعودي الإيراني له مفاعيله، وإيران لا تتعامل بالسياسة بعفوية أو بردود أفعال، فهي عندما وقعّت الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، أسست لمرحله قادمة هذا أمر والأمر الآخر قد يكون بقيه الحكام في الدول القريبة من المنطقة يدركون تماماً بأنه عندما يُطلق التهديد الإيراني يُطلق ويُنفذ، وفي هذا الأمر أرى أن جزء من الخوف المشروع أو الاحتياط المعقّلن للسلوك، لكن قد يكون من المبكر الحديث عن أن هذه الدول لم تشترك بشكل مباشر أو لم تسمح بفتح مجالها الجوي، لأنه حتى الآن ليس هناك من ضربة جوابية أو رد من إسرائيل على الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي، لكن إذا توسعت دائرة اللهب فقد نشهد دول أخرى تتورط كما تورط الأردن، لأنه بشكل عام مشيخات الخليج ليس قرارها ملك يدها على الإطلاق، هي ملزمة بالتواصل وبالتعامل بما يرضي مفاصل صنع السياسة الأمريكية المتماهية، التي هم يعلنونها بوضوح من بايدن إلى غيره من المسؤولين، أن الهّم الأساسي لديهم هو الحفاظ على ما يسمى أمن الكيان الإسرائيلي، -لن يستطيعوا- والمعطيات تشير إلى أنه إذا كان الأردن هذه المرة تورط، فإذا تورط الكيان الإسرائيلي وحاول الرقص على الحبال المتناقضة ورفع السقف أي الرد على الرد، فأوراق المنطقة بكليتها أمام مرحلة جديدة عنوانها الأساسي هو لا أقول تكسر الأنياب والمخالب السامة في الكيان، بل انهيار كل ما له علاقه بالهيبة الأمريكية وهذا يعني مقدمة زوال هذا الكيان المؤقت وهو إلى زوال مهما طال الزمان أم قصر.