خاص-فاكت اليوم
لم يتوانى النظام الأردني عن الاستمرار في تنفيذ سياساته التي تتماهى مع الكيان الصهيوني الإرهابي الذي يمارس المجازر بحق الشعب الفلسطيني والاغتيالات الجبانة بحق قادة في المقاومة هنا وهناك ما يشي باصطفاف هذا النظام إلى جانب الكيان الصهيوني رغم تصريحاته الرنانة عن حماية السيادة الوطنية وأمن البلاد ومواطنيه الذين قامت شرطته بقمعهم مؤخراً خلال مظاهراتهم السلمية المطالبة بوقف الحرب والإبادة الإسرائيلية في غزة.
ملامح للاصطفاف بدأت تتكشف مع تجاهل هذا النظام للمطالب الشعبية بالتخلي عن اتفاق السلام مع الكيان الصهيوني وإغلاق سفارة الكيان في عمان والضغط من أجل وقف الحرب والإبادة التي يمارسها الكيان في غزة لأكثر من نصف عام.
ثم تجلى هذا الاصطفاف وبدا واضحاً علنياً مؤخراً عندما تصدى هذا النظام للمسيرّات والصواريخ الإيرانية التي كانت في طريقها إلى الكيان الصهيوني.
ولفهم لماذا هذا التواطؤ للنظام الأردني الدائم مع الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين ومساهمته في مواجهة الرد الإيراني على الكيان الصهيوني قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور حسن حسن في تصريح لـ (فاكت اليوم):
بكل تأكيد عندما يشترك هذا الطرف أو ذاك في منع إيران من ممارسة حقها الطبيعي في الرد المشروع والقانوني والمنسجم مع القانون الدولي ومع ميثاق المنظمة الدولية ويناصر الكيان الصهيوني ويعمل معه في التصدي للمسيّرات والصواريخ التي أطلقت لمعاقبة هذا الكيان على تمرده على قرارات الشرعية الدولية وعلى غطرسته وعربدته وإجرامه الذي فاق كل حد، هذا يعني أنه هو جزء من القوى المندرجة في إطار الكيان الصهيوني، والغاية الأساسية قد يكون دور الأردن أصغر بكثير من أن يُعطى مثل هذه الأهمية لكن هو معطى دور وظيفي ضمن الدور الوظيفي للكيان الإسرائيلي المؤقت.
وبالتالي كل ما يخدم سياسة هذا الكيان النظام الأردني تلقائياً هو جزء من أدوات التنفيذ وعلى امتداد العقود السابقة لم يشذ موقف واحد من مواقف الأردن عن هذا الإطار.
تابعونا على فيسبوك
فهو جزء من القوى التي يستخدمها الكيان الصهيوني ضد أبناء المنطقة وضد القضية الفلسطينية وفي الوقت ذاته هو جزء من قدرات الكيان الصهيوني الذي وجد لرعاية المصالح الأمريكية ومصالح القوى الاستعمارية الكبرى في المنطقة، وهذا الدور الوظيفي للكيان الصهيوني يتآكل لذلك في ظل تآكل الدور الوظيفي للكيان الإسرائيلي بسبب عجزه عن مواجهة المقاومة الفلسطينية، هنا قد يُمنح الأردن دوراً إضافياً أو يُوسع هامش المهام التي تسند للأردن للأسف سواء كان حالياً أو مستقبلاً.
وحول تأثير هذا الموقف الأردني على زيادة تأزم الشارع الأردني وفي علاقاتها مع إيران؟
أجاب الدكتور حسن: لا شك أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مواقفها واضحة وقالت بوضوح أن كل من يسهل ومن يشارك في حماية أو دعم هذا الكيان الإسرائيلي أو يسمح باستخدام أراضيه فسيعّرض نفسه للمساءلة للحساب على هذا السلوك، والأردن لم يكتفِ فقط بفتح مجاله الجوي بل عمد وفق ما تناقلته وكالات الأنباء، إلى تفعيل ما لديه للتصدي للمسيّرات والصواريخ الإيرانية المتجهة إلى أهدافها داخل الكيان الإسرائيلي الغاصب.
نقطة ثانية يجب التوقف عندها هنا، خاصة عندما نتحدث عن موضوع الشارع الأردني وتأزم الشارع الأردني، إن من 70 إلى 80 بالمئة من سكان الأردن هم في الأساس فلسطينيون أي فلسطيني-أردني هم مهجرون أو نازحون أو لاجئون، هجّرهم الاحتلال الصهيوني برعاية القوى الكبرى، والقسم الكبير من سكان الأردن مرجعيته أو أصله فلسطيني.
وبالتالي هذا الموقف المتأزم هو كيف يمكن لفلسطيني أن يرى بأم العين بأن النظام الحاكم يمنعه من المشاركة في الدفاع عن شقيقه عن أخيه عن أصله الكثير من السكان في الأردن أصولهم وأقاربهم في الجهة الأخرى من فلسطين المحتلة، سواء كان في الضفة أو في غيرها وبالتالي هذا التأزم في الشارع الأردني وهذا الانجراف غير يعني المسؤول وغير الواعي وغير المتزن للنظام الأردني باتجاه خدمه الكيان الصهيوني، هذا سيزيد تأزم الشارع الأردني وسيزيد من الغضب لدى أبناء الشعب الأردني جراء العجز عن مواجهه قمع النظام من جهة وفي الوقت ذاته رؤيه أبنائهم وأشقائهم على الضفة الأخرى وكيف تستمر حرب الإبادة.
والأمر الطبيعي أمام هذا الانزياح والاصطفاف الكامل للأردن بالخندق الإسرائيلي لن تنظر إليه إيران على الإطلاق إلا بعين عدم الرضا على أقل تقدير، وفي حال تأزمت الأوضاع واستمر الأردن وقراءتي الذاتية سيستمر للأسف بهذا الدور السلبي المقيت النتن لمناصرة الكيان الصهيوني، فإذا توسعت دائرة اللهب لن تكون على الإطلاق مصالح هذا النظام في مأمن والأمر الطبيعي أن تصبح أهدافاً مشروعة.
آمل أن لا يتم توسيع دائرة اللهب وآمل أن يسارع من بقي لديه ذرة من عقل في مفاصل صنع القرار الأمريكي إلى لملمة الأوضاع لأن إشعال المنطقة لا يخدم مصالح أحد على الإطلاق.