خاص/فاكت اليوم
بعد تحقيق المقاومة الإسلامية في لبنان_”حزب الله” الانتصار الأول الكبير عام 2000 بدعم عسكري ولوجستي سخي من سورية وإيران و إجباره الكيان الصهيوني على الانسحاب من جنوب لبنان تحت تأثير ضرباتٍ عسكريةٍ متتالية من عملياتٍ استشهاديةٍ ومواجهاتٍ مباشرة استبسل فيها مقاتلوا المقاومة وقصف مواقعه بصواريخ الكاتيوشا إضافة للقضاء على عملائه.
ضرباتٌ شهد فيها العالم أجمع بشجاعة وبسالة رجال المقاومة وإيمانهم الراسخ بأرضهم وحقهم فأثبتوا للكيان الصهيوني أن لبنان لن يعود مرتعاً لٱلة الحرب الصهيونية ولا حقل تدريب لجنوده الجبناء.
وبعد نصر عام 2000 ازداد “حزب الله” قوةً ونماءً (عدةً وعتاداً) بدعم خالص من سورية وإيران التي لم تبخل يوماً على المقاومات العربية لا سياسياً ولا عسكرياً وبدأ حزب الله يظهر أكثر تنظيماً سياسياً وعسكرياً وعملياتياً وخاصة مع الخبرات التي اكتسبها من معاركه السابقة.
الهزيمة الكبيرة هذه لم تنساها “إسرائيل” فبدأت تُعد العِدة لكسر شوكة “حزب الله” التي أصبحت أكثر قوة وثبات والتي بثت الذعر في الشارع والجيش الإسرائيليين الذي تلقى أكبر هزيمة له بعد حرب تشرين 1973 حيث فقد الشارع الإسرائيلي ثقته بقادة الكيان وجيشه الذي عاش تحت شعار “الجيش الذي لا يقهر” وهو ما عّبر عنه المحللون العسكريون والسياسيون الصهاينة الذين بدأوا يُجرُون الحساباتِ والمقارنات ويتصورون السناريوهات المقبلة مع الحزب فيما لو نشب صراع عسكري جديد معه.
“إسرائيل” وبعد ستِ سنوات على هزيمتها قررت أن ترد الصاع صاعين للحزب وفق زعم قادتها وضباط جيشها فشنت حرب تموز في العام 2006 وبدأت بقصف جنوب لبنان بشكل هستيري جواً وبراً وبحراً متبعةً سياسة الأرض المحروقة بغية تدمير “حزب الله” والقضاء على قوته وخطف انتصارٍ سريع يعزز مكانة “إسرائيل” في المنطقة عسكرياً ويعيد لجيشها المهزوم روحه المعنوية بأنه لا يقهر وقادر على تحقيق النصر ولكن هيهات هيهات.. فلم يكد الكيان الغاصب ينهي اليوم الأول من الحرب إلا وتلقى خسائر فادحة في جنوده ودباباته “الميركافا” التي حولتها صواريخ حزب الله إلى خردة.
كما تلقى الكيان الصهيوني صفعات قوية باستهداف “حزب الله” المستوطنات الإسرائيلية بعشرات صواريخ “الكاتيوشا” و”زلزال” و”خيبر” و”فجر” وغيرها التي استخدمها الحزب بشكلٍ تدريجي ومدروس يتناسب مع توسيع الكيان الصهيوني لقصفه المناطق اللبنانية.
تابعونا على تلغرام
كل ذلك لم يمنع الكيان الصهيوني من الاستمرار في عدوانه واستهداف الأرض والشجر والحجر في جنوب لبنان بل وامتد قصفه ليطال العاصمة اللبنانية بيروت وخاصة الضاحية الجنوبية ما دفع الأمين العام لحزب الله السيد “حسن نصر الله” لإعلان معادلة جديدة في الحرب مع الكيان الصهيوني تفرض (التوازن) في أرض المعركة بأن “قصف الحزب سيمتد إلى حيفا وإلى مابعد بعد حيفا” أي منطقة الخضيرة التي تحوي منشٱت هامة للكيان وهو ما تم تحقيقه فعلاً.
ثم خطاب نصرالله في الثالث من آب 2006 حيث قال:”اذا قصفتم عاصمتنا سنقصف عاصمة كيانكم الغاصب”.. وهو ما أكسب حزب الله وقائده نصر الله مصداقية عند المستوطنين الإسرائيليين الذين أعلنوا أنهم يثقون بكلام ووعود عدوهم نصرالله أكثر من كلام ووعود زعمائهم الصهاينة.
“خلق التوازن” هذا وطول أمد الحرب التي ثبت فيها حزب الله ببسالة لا توصف وأمام الخسائر الكبيرة التي مُني بها جيش الاحتلال الإسرائيلي بشرياً وعسكرياً وبنية تحتية واقتصادية واجتماعية دفع الكيان الإسرائيلي لوقف الحرب ليهزم هزيمة نكراء جديدة أذهبت ماء وجه قادته وجيشه وصناعته العسكرية التي تلقت خسائر فادحة.
حالة “التوازن” هذه مع الكيان الإسرائيلي استمرت حتى بدأت الحرب الإرهابية على سورية و تكالبت دول العالم عليها فما كان من حزب الله إلا أن زج بثقله بجانب الدولة السورية في مواجهة الإرهاب حيث أكد نصرالله أن مشاركة الحزب هي رد جميل لسورية التي ساندته و دعمته وٱزرته في أوقات الشدة.
الكيان الإسرائيلي الجبان الغادر استغل الحرب الإرهابية على سورية فعمد إلى استهداف قادة و كودار حزب الله في مناطق تواجدهم خارج لبنان ليرتقي عدداً منهم شهداء أبرزهم القيادي الشهيد “عماد مغنية” و ولده وغيرهم.
وبانشغال سورية سياسياً وعسكرياً بحربها ضد الإرهاب والمؤامرات الدولية وتشديد الحصار على سورية وإيران ولبنان عبر استهداف مرفأ بيروت وتدميره ظن الكيان الإسرائيلي أن الفرصة مواتية لتحقيق أطماعه في ثروات لبنان البحرية من نفط وغاز ظناً منه أن حزب الله منهك وغير قادر على المواجهة.
ولكن حزب الله خرج إلى العلن “كاسراً التوازن” لصالحه وامتلك زمام المبادرة بيده وأعلن أمينه العام حسن نصرالله أنه لن يسمح للكيان الإسرائيلي باستثمار ثروات البحر قبل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و الكيان وقبل حصول لبنان على كامل حقه في ثرواته البحرية واستثمارها وأكد أن الحزب لن يقف متفرجاً ولن يسمح للكيان الصهيوني بسرقة ثروات لبنان ولو كلف الأمر الذهاب للحرب.
تابعونا على فيسبوك
الكيان الإسرائيلي ظن أن تصريح حزب الله هذا مجرد حرب إعلامية وأن الحزب غير قادر على تنفيذ تهديداته أو حتى إطلاق رصاصة واحدة وقام بإرسال منصة لاستخراج الغاز من حقل (كاريش) المتنازع على منطقته البحرية ليأتي رد حزب الله “الكاسر للتوازن” والخالق لحالة “الردع” مع الكيان الصهيوني ويرسل طائرتين مسيرتين باتجاه المنصة أسقتطهما بحرية الكيان لتستقبل “إسرائيل” الرسالة بوضوح أن حزب الله جاد في تهديداته بتدمير منصة (كاريش) وأنه يملك سلاح جديد سيقض مضجع الكيان وجيشه وهو سلاح المسيرات التي أعلن نصر الله أن الحزب يمتلك التكنولوجيا الخاصة بها ويصنعها ويملك المئات وربما الآلاف منها لتخضع “إسرائيل” من جديد وتذهب إلى طاولة المفاوضات مع الدولة اللبنانية من أجل ترسيم الحدود البحرية بينهما بوساطة دولية وأمريكية.
الإسرائيليون أصبحوا يدركون جيداً أن حزب الله اليوم أقوى من أي وقت مضى إذ يرى الخبراء والمحللون الإسرائيليون أن الحزب لا يستخدم سلاحاً إلا إذا كان يملك ماهو أفضل منه فعندما كان يقصف بالكاتيوشا كان يملك خيبر ورعد وزلزال وعندما قصف بالزلزال كان يملك فاتح ولا نعلم ماذا يخبئ أيضاً وكم العدد واليوم يرسل طائراته المسيرة إلى كاريش لنسقطها ليقول لنا أنا أملك هذا لست أمزح في تهديداتي وهذا يعني أنه يملك شيء أحدث وأكثر تطوراً ربما مسيّرات انتحارية أو مسيّرات قادرة على استهداف المنشٱت الحساسة الإسرائيلية وهو ما نشاهده اليوم في استهداف مواقع وقواعد الكيان الإسرائيلي في معركة “طوفان الأقصى.”
كما أراد حزب الله إيصال رسالة للكيان بأن رجاله تمرسوا بالقتال بمشاركتهم بالحرب السورية وأنه يمتلك أصناف جديدة من الأسلحة الحديثة من طيران مسيّر وصواريخ وربما يخبئ لنا مفاجآت جميلة من دفاع جوي وبحري أو غيرها من المؤكد أننا سنراها فيما لو شن الاحتلال مستقبلاً عدواناً واسعاً جديداً على لبنان.
بعد كل هذا يثبت حزب الله بأنه قوة رغم صغرها على المستوى الإقليمي إلا أنه استطاع فرض “الردع” على الجيش الإسرائيلي أقوى جيش في المنطقة وكسر التوازن لصالحه بفضل إيمانه بسلاحه وحقه وبلده وبفضل دعم سورية وإيران لطالما كانا حليفيه الصادقين.
*سعد*