خاص/فاكت اليوم
تواصل الولايات المتحدة الأمريكية استخدام أسلوبها الفظ والمتعجرف في التعامل مع الصين التي تكتم غيظها من السياسة الأمريكية خوفاً من الانعكاسات السلبية على اقتصادها.
فمن يتابع الفظاظة الأمريكية في التدخل بقضية تايوان والصين وأسلوبها القذر في تأجيج الوضع بينهما بالتصريحات النارية التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون عسكريون وسياسيون من أن أمريكا لن تترك تايوان لمصيرها ولن تسمح للصين بالتدخل فيها ولو اضطرها الأمر للتدخل عسكرياً بشكل مباشر ضد الصين.
إضافة إلى التلويح بفرض عقوبات اقتصادية على الصين وعلى الشركات الصينية والمتعاملين معها والتي وصلت ذروة تصعيدها بزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان وهو ما استهجنته الصين وأثار غضبها ودفعها لإرسال سرب من طائراتها الحربية بالقرب من الحدود التايوانية وإرسالها قطع بحرية عسكرية انتشرت حول الجزيرة المتمردة ولكن ذلك لم يمنع بيلوسي من إتمام زيارتها لحليفتها تايوان.
إضافة للاستفزازات الأمريكية العسكرية التي تمثلت بعبور سفن حربية أمريكية مضيق تايون بين الصين والجزيرة وهو ما اعتبرته الصين استفزازاً مقصوداً وإرسال أمريكا للأسلحة والذخائر المتطورة إلى تايوان وإجرائها مناورات عسكرية مشتركة شكل رداً وإصراراً أمريكي على إزعاج الصين وكسر أنفتها التي لم تتعدى التصريحات وأظهرت للعالم بوضوح أن تايوان أصبحت ولاية أمريكية تحتمي بها وترتمي بأحضانها خوفاً من أن يبتلعها التنين الصيني الذي جعلت منه أمريكا مصدر رعب لتايوان لتعزيز وجودها هناك.
وبالتدقيق في ما تجريه أمريكا في الشرق الأقصى على حدود عدوها الاقتصادي والسياسي الصين والعدو العسكري الأكبر لها كوريا الشمالية يرى أن أمريكا نجحت في كسب جولة تايوان مع الصين مؤقتاً وهي تدرك أن هذا الربح مؤقت لأسباب عدة أهمها أن الصين لو قررت فعلاً شن حرب على تايوان فإن أمريكا ستضطر لدخول الحرب بجانب تايوان وتخسرها أمام الصين بسبب ضعف القوة الأمريكية الموجودة هناك أمام قوة الصين وثانياً انشغال أمريكا في تمويل وتسليح النظام الأوكراني في حربه مع روسيا وثالثاً والأخطر بالنسبة لأمريكا الخوف من انخراط كوريا الشمالية في الحرب وخاصة أن زعيمها كيم جونغ أون تواق لنسف الوجود الأمريكي في المنطقة هناك لأنه يعتبره تهديداً لبلاده.
تابعونا على فيسبوك
وأمام إدراك أمريكا بعجزها هذا لجأت إلى اتباع سياستها القذرة في تسليح تايوان وتسليح حليفتها اليابان وإقناعها بإعادة بناء جيشها وتحديثه وتسليح كوريا الجنوبية وتغذية الخلافات بينها وبين جارتها الشمالية بغية إبقاء المنطقة بدولها كافة على صفيح ساخن تشعل فيه الحرب متى أرادت.
كما لجأت أمريكا إلى التدخل في الشأن الداخلي الصيني واستغلال قضايا عامة لتأليب الجماعات المناوئة للحكومة الصينية وتشجيعها ودعمها لخلق البلبلة في الداخل الصيني وهذا ما شاهدناه في أحداث هونغ كونغ ومناطق أخرى في التيبت واستغلال نشأة فيروس كورونا في الصين لتأليب الرأي العالمي ضدها.
هذا الضغط الأمريكي أدى إلى انكفاء الصين وتخفيف حدة لهجتها وخطابها السياسي تجاه أمريكا والتخفيف من الاستعراضات العسكرية تجاه تايوان حتى كاد أن يغيب المشهد الملتهب عن ساحة الأخبار الدولية خاصة مع إحتدام المعارك بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية وانشغال أمريكا والغرب بأكمله بتأمين السلاح والذخائر والأموال لدعم نظام زيلينسكي للصمود في وجه روسيا.
هذا الانشغال الأمريكي بأوكرانيا قابله انشغال صيني داخلي حيث عمدت الصين على زيادة تأهب قواتها وتدريبها وزيادة عدد عناصر جيشها وتهيأة أسلحتها البحرية والجوية والبرية وكأن الحرب ستقرع طبولها.
التنين الصيني الذي نجحت أمريكا لفترة مؤقتة في كبت نيرانه الحارقة تجرأ وأرسل منطاداً للمراقبة وصل البر الأمريكي بل وتغلل في الداخل الأمريكي مما يشي برسالة لأمريكا بأننا قادرون على أن نطالك بأبسط الوسائل وبالوقت الذي نشاء.
لكن التنين الصيني ينكفئ مرة أخرى وينفي كل الرسائل التي يمكن أن يحملها إرسال المنطاد إلى البر الأمريكي ويعلن على لسان وزيرة الخارجية الصينية أن الرياح والظروف الجوية القاهرة دفعت المنطاد باتجاه أمريكا.
أمريكا المتعجرفة تجاهلت كل التوضيحات الصينية وأكد رأيسها جون بايدن أنه سيتم التعامل مع المنطاد لتقوم فيما بعد القوات الأمريكية بإسقاط المنطاد الصيني فوق البحر وجمع أجزائه للتحقق منها.
القرار الأمريكي هذا يحمل في طياته رسالة إلى الصين بأن أمريكا لن تتردد في استخدام القوة تجاه أي تهديد لمصالحها أولأمنها كما أنه يحمل هزيمة معنوية للصين أمام الرأي العام العالمي وخاصة بعد تأخرها لعدة أيام في إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى سورية لحين سماح الإدارة الأمريكية بإرسال المساعدات الإنسانية لمدة ستة أشهر خاصة وأن سورية تعد حليفة الصين وأحد الواقفين في صفها الدولي وهو ما فسره البعض بالخوف من العقوبات الأمريكية حيث باتت الصين تظهر بمظهر الراضي عن السياسات الأمريكية وعدم القدرة على اتخاذ قرار حاسم عندما هددت أمريكا أمنها القومي بزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي بيلوسي إلى تايوان وعندما احتاجها حلفاؤها في أزماتهم ونكباتهم.
ومع ازياد حدة التوتر الصيني الأمريكي عقد بايدن قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في كاليفورنيا في محاولة لمنع اندلاع نزاع بين البلدين لكن العلاقات بينهما لا تزال متوترة.
تابعونا على تلغرام
وقامت أمريكا مؤخراً بزج نفسها في التوترات السائدة بين الصين والفلبين في بحر الصيني الجنوبي والتي وصلت حد التصادم بين السفن العسكرية للبلدين ليعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى الفلبين في آذار الجاري قبل أيام أن الزيارة تأكيدٌ على أن أمريكا متمسكة بالتزاماتها الحازمة بالدفاع عن حليفتها الفلبين في مواجهة أي هجوم مسلح في بحر الصين الجنوبي لترد الصين على بلينكن بأنه لا يحق للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي وليست طرفاً في هذه المسألة ولا يحق لها التدخل في قضايا بحرية بين الصين والفلبين.
لكن البيت الأبيض أعلن أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيستضيف الشهر المقبل زعيمي اليابان والفلبين في قمة ثلاثية تعقد لأول مرة في خطوة جديدة تعزز فيها الولايات المتحدة تحالفاتها ضد الصين كما أعلنت اليابان والفلبين أنهما ستبدآن قريباً مفاوضات للتوصل إلى اتفاق دفاعي يسمح لهما بنشر قوات على أراضي بعضهما البعض.
فإلى متى سيقبل التنين الصيني رغم قوته البشرية والعسكرية الهائلة واقتصاده الضخم وتمدده اقتصادياً ٱسيوياً وأفريقياً تقبل التمادي الأمريكي واتباع سياسة الصمت وضبط النفس أمام القرارات الكبرى بسبب رغبته في الحفاظ على نموه الاقتصادي وعدم الدخول في دوامة الصراعات العالمية التي يديرها ويستمتع بها راعي البقر الأمريكي وحلفائه الغربيين.
*سعد*