أظهرت دراسة بحثية عن أحد أندر الاضطرابات العصبية التي عرفها البشر، وهي “تشوه المرئيات الوجهي”، وتم اكتشاف هذا الاضطراب بعدما أصيب به الأمريكي “فيكتور شاراه” وصار يرى من حوله بطريقة مشوهة.
وكشفت الدراسة أن هذا الاضطراب يصيب منطقة الدماغ التي تتحكم في التعرف على الوجه، والتي تسمى منطقة “باحة الوجه المغزلي” (FFA)، وينجم هذا الاضطراب عن إصابة في الرأس، أو السكتات الدماغية، أو تفاقم الصداع النصفي أو الصرع.
ويكمن خطر إصابة هذه المنطقة من الدماغ في ضعف قدرة الأشخاص على التعرف على الوجوه المألوفة، فيما يُعرف باسم “عمى الوجوه”، أما الاضطراب فينتج عنه تشوه المرئيات الوجهي فيجعل الوجوه تبدو مشوهة للمصابين به.
وبحسب الدكتور براد دوشين، الخبير العالمي الرائد في علاج هذا الاضطراب، إن حالة شاراه فريدة من نوعها من جهةِ أن الوجوه تبدو له طبيعية على شاشة التلفزيون وفي الصور الفوتوغرافية، ولا تبدو مشوهة إلا عند الرؤية المباشرة.
وقال خبراء في كلية دارتموث البريطانية: “لحسن الحظ أن معظم حالات الإصابة بهذا الاضطراب لا تستمر إلا بضعة أيام أو أسابيع، ولكن قلة منها تظل ترى الوجوه من حولها مشوهة لسنوات”.
وفي العودة لحالة شاراه حينما استيقظ في صباح أحد أيام تشرين الثاني قبل 3 سنوات، فزع لرؤية زميله بالسكن، فقد بدا له أن أجزاء وجه زميله قد تمددت وتشوهت وتغيرت ملامحها حتى صار كأنه يحمل، إذ انتفخ وجه الرجل، وتدلَّت عيناه إلى الخارج، واتسعت فتحتا أنفه، وطالت أذناه كالعفاريت، وتجعدت جبهته وخدَّاه وذقنه بأخاديد عميقة ممتدة.
ظنَّ الأمريكي الذي يبلغ من العمر 59 عاماً، وكان يعمل سائق شاحنة في السابق، أن مسّاً ما قد أصاب زميله، لكنه ما لبث أن غادر المنزل فوجد “وجوه كل من يراهم مشوهة، وأتاح ذلك للباحثين التعاون مع شاراه لكي يساعدهم في تبيُّن معالم الصور المشوهة التي تظهر للمصابين باضطراب تشوه المرئيات الوجهي.
وأكد العلماء أن تشوهات الرؤية في اضطراب شاراه “لم تصاحبها معتقدات وهمية بشأن هوية الأشخاص الذين يلتقيهم في العادة، مثل عائلته أو أصدقائه، وأشار الدكتور نعوم ساغيف، الخبير في جامعة برونيل البريطانية، إلى أن الإصابة في “باحة الوجه المغزلي” أو تعرض الأعصاب المؤدية إليه من العين للتلف أو الضغط الشديد، قد تؤدي إلى تشوهات الهلوسة في الرؤية، وربما “استخف الأطباء كثيراً” بمدى انتشار تشوه المرئيات الوجهي.